هل كان لقاء ولي العهد خارج وثيقة المنامة؟
2013-08-03 - 11:00 م
مرآة البحرين (خاص): لماذا سرّب ولي العهد لقاءه مع المعارض والنائب السابق في كتلة الوفاق البحرينية علي الأسود؟ ما دلالة لقاء ولي العهد مع شخصية قيادية في الوفاق؟ لماذا لم تهاجم صحف السلطة هذا الخطاب المسرب؟
من المرجح أن تصريح ولي العهد لم يكن يريد أن يحرق عضو الوفاق مع جمهوره، ولا أن يحرق نفسه مع عائلته. وأستبعد أنه أراد بالتسريب أن يوضح سياق خطابه المطالب بالاعتذار، ربما يكون أراد أن يموضع خطابه في الفضاء العام، ليكون له وجود ـ غير الوجود الضعيف الممل ـ يعبر عن مشروعه في الحل. طوال السنتين الماضيتين لم نسمع في الفضاء العام خطاباً لولي العهد بهذه النبرة العالية المعبرة عن الرغبة في إيجاد شريك من المعارضة لصياغة حل سياسي.
ولا نكشف سراً إذا ما قلنا إن هذا الصمت المطبق مع نتف التصريحات المستفزة للمعارضة وشارعها، جعلت من شخصية ولي العهد شخصية غير موثوق لا بجديتها ولا بقوتها ولا حتى بنزاهتها فيما يتعلق بالفساد في قضايا أملاك الدولة، بل وجعلت من خطاب المعارضة المعول عليه خاصرة رخوة أمام شارعها. لا نقول ذلك كي نقفل أبواب الحل بل كي ننبه إلى ما يحتاجه ولي العهد من عمل حقيقي ليستعيد دوره السياسي في قيادة أي مبادرة حل.وخطابه الرمضاني لو لم يحمل إعلان لقائه مع عضو الوفاق، لاعتبر مجرد خطاب موسمي، لذلك كي لا يتحول خطابه في مجلس آل شريف إلى مجرد خطاب في الهواء فعليه أن يعمل ضد هوى من يمسكون بالسلطة بدلا منه، وبعبارة أكثر وضوحاً، عليه أن يكون أقوى من زعماء خلية البندر الذين أبدى انزعاجه الشديد منهم في خلوة لندن.فهم من يسممون الشارع السياسي اليوم بالدهس والقتل والاقتحامات والانتهكات.
لقد اختار مجلس (خالد آل شريف)وليس أي مجلس آخر، لتسريب خبر لقائه مع عضو الوفاق، وهو تسريب مقصود، وجاء في سياق خطاب معد ومتفق عليه مع أكثر من طرف، بما فيه السلطة أو لنقل على وجه الدقة رأس السلطة، وهذا ما منحه الحماية من الهجوم من قبل صحافة الديوان الملكي.الخطاب استغرف 43 دقيقة في 22 يوليو2013 وما سرب منه 12 دقيقة، وقد حضره ما يقارب 300 شخصية سنة وشيعة ينتمون إلى اختصاصات متعددة وتوجهات مختلفة.
كان يريد أن يؤكد أنه حاضر في المشهد مع الجهات الفاعلة في الساحة: "لا يمكن نأمر بحل بدون التشاور مع جميع الكتل السياسية". ضمن جدول أعمال هذه الكتل "اجتمعت مع علي الأسود... تحدثنا عن جدول الأعمال، ما هو المطلوب؟ ما هو المستقبل؟" كانت وثيقة المنامة حاضرة في تحديد هذا الجدول، وتوصيات بسيوني حاضرة أيضاً. وتوصيات جنيف. باختصار حديث المعارضة العلني كان حاضراً بقوة في اللقاء.لكن إلى أي حد يملك ولي العهد من القوة ما يجعل مضمون هذه الوثيقة حاضراً بالفعل في دوره الذي يجب أن يمارسه بحضور مغاير للتململ المتوقع منه؟!!
منذ 16 مارس، والجيش يمنع أن يلتقي ولي العهد مع المعارضة، وظلت المعارضة طوال السنتين والنصف التالية لدخول قوات درع الجزيرة تطالب بعودة ولي العهد للحياة السياسية وعودة مبادرته، وولي العهد يكاد لا يسمعها أو يكاد لا يستطيع الرد عليها.من هنا نستطيع أن نعتبر هذا اللقاء مؤشراً له أهميته، فقد استغرق ساعتين، يعني أنه لم يكن لقاء مجاملة عامة، وأنه جاء في طريق رحلة ولي العهد إلى أمريكا التي تدفع باتجاه إيجاد حل يضمن استقرار جزيرة اسطولها الخامس.
ربما تكون المعارضة قد وجدت في تعيين ولي العهد في منصب نائب رئيس الوزراء، المؤشر على إمكانية أن يعود لممارسة دوره في إصلاح الخراب العام الذي غرقت فيه الدولة، وإذا كان اليوم ولي العهد لا يستطيع أن يعود بمبادئه السبعة التي قضى عليها المشير وأحمد عطية الله، فعليه أن يجترح طريقاً جديداً يلتقي فيه مع شركائه في أرضية الحل السياسي في المعارضة.
على الرغم من التململ العام من ضعف دور شخصية ولي العهد، وضعف موقفه في خارطة عائلته المتعنته في الاستفراد بالسلطة، إلا أن المعارضة لم تقطع أملها في أن تدفع بولي العهد للإسهام في إيجاد حل يحمل مشروعها السياسي. هذا التململ لم يصب المعارضة وجمهورها فقط، بل أصاب ولي العهد نفسه، وقد أفصح عن جانب كبير منه في لقائه الخاص بلندن، وربما غيابه عن حضور الجلسات الأربع الأخيرة لمجلس الوزراء يعبر عن هذا التململ، والذي أراد أن يوصله للجانب الأمريكي، إنه تململ من العمل مع شخصية رئيس الوزراءأو إمكانية إيجاد مخرج سياسي عبر العمل تحت مظلته.