السلطة وعداؤها التاريخ: ليس خليل المرزوق، إنه العام 1783!
2013-10-24 - 8:12 م
مرآة البحرين (خاص): لا يزال خليل المرزوق يعرّف نفسه وتعرفه وسائل الإعلام والمجموعات الدولية بأنه نائب رئيس البرلمان المستقيل، وحتى وهو في قاعة المحكمة اليوم، كان يعرف نفسه أمام السلطة القضائية، بأنه كان على رأس السلطة التي تشرع لها القوانين.
لم يشكّل اعتقال المرزوق حرجا كبيرا على النظام فحسب، إنه فضيحة سياسية بحسب ما يصف أمين عام الوفاق الشيخ علي سلمان، وكان الإفراج عنه اليوم، والذي توقعته مصادر مسبقا، نوعا من التراجع المحسوب، فهي المرة الأولى التي يفرج فيها عن متهم بمثل هذه القضايا، ومن الجلسة الأولى.
إن محاولات النظام تحريف التاريخ، أو إخفائه، كانت دائما ما تبوء بالفشل. فحتى بعد 230 عاما من دخول القبيلة الحاكمة للبلاد، ما زال الكل يتذكر أنهم دخلوها غزاة، وهذا ما أثارهم تحديدا في خطاب المرزوق الأخير أمام الجماهير:
"ولو قرر آل خلﯾفة الﯾوم وھم في الزبارة أن ﯾأتوا إلى البحرﯾن غزاة لن ﯾتمكنوا، ﻷن النظام العالمي تغﯾر والمنظومات تغﯾرت، بعد 230 سنة العقل الغازي ﻻ زال ﯾسﯾطر على طرﯾقة التعاطي مع ھذا الشعب، 230 سنة لم تستطع العائلة الخلﯾفﯾة أن تندمج مع ھذا الشعب".
الأمر الآخر الذي حاولت السلطات عابثة إبطاله ومحوه من ذاكرة التاريخ، هو أن المعارضة ترأست ذات يوم السلطة التشريعية في البلاد، ووقفت على منصة البرلمان، تهاجم ملك البلاد. تاريخ المعارضة اليوم، ليس أنها تجمعات سياسية تسير مظاهرات واعتصامات، هي مؤسسة رسمية يعترف بها العالم أجمع ويتعاطى معها علنا على الملأ، لأنها كانت يوما ما جزءا من مؤسسات الدولة.
إن إزالة تعريف «نائب سابق» من جوازات النواب المستقيلين، وسحب جوازاتهم الخاصة بالمخالفة للقانون (باعتبار بعضهم أكمل فصلا تشريعيا كاملا من قبل في برلمان 2006)، بالإضافة إلى إزالة أسماء بعض النواب حتى من موقع المجلس، وإزالة صورهم، كل ذلك لن يمحو شيئا من التاريخ.
تاريخ 14 فبراير الذي يحمله دوار اللؤلؤة، والذي يعتبره وزير الخارجية البحريني خالد آل خليفة "ذكرى سيئة"، هو باق على المدى، لأن النظام حين هدم هذا النصب التذكاري جغرافيا بكل هذه الهمجية، يحكم عليه بالبقاء في التاريخ.
تاريخ الخلافات بين القبائل الحاكمة على ساحل الخليج (ساحل القراصنة)، والذي جلب المستعمر البريطاني إلى الخليج، لا يقف فقط عند الخلاف المشهور والمستمر بين البحرين وقطر، فمطامع الدولة السعودية الأولى وغزوها البحرين ذكرى باقية في أذهان الحكام، أكثر من غيرهم.
والجميع يعرف أنهم كلما أتوا على ذكر "الاتحاد" مع السعودية، يتذكرون محاولات الدولة السعودية الأولى ضم البحرين إلى المملكة الآخذة في التوسع، كما أنهم يتذكرون أن ممثل ابن سعود حارب مع عدوهم رحمة الجلاهمة في معركة خكيكرة الشهيرة، وأن السعودية تحكمت في البحرين ونصبت عليها وكيلا بلغ من سلطته أنه كان يأخذ الزكاة من آل خليفة، وأنهم اضطروا إلى التحالف مع حكام مسقط لطرد السعوديين من البحرين في العام 1811.
إن التاريخ، يثبت دائما أن شرعية القبيلة الحاكمة لم تستقر يوما منذ أن دخلت البحرين قبل 230 عاما، فالسلطة تسحب من بساطها دائما، تارة من الشرق وتارة من الغرب وتارة من الشمال.
وقد ثبّت تقرير بسيوني (الفقرة 502) أيضا البيان الذي أصدره خليل المرزوق، في منتصف مارس/آذار 2011، والذي قال فيه على الملا إن السلطة الحاكمة في البحرين قد فقدت شرعيتها، منذ أن دخلت قوات درع الجزيرة إلى البلاد!
مشكلة النظام الأزلية، هي عداؤه للتاريخ، لكن هذه اللحظة هي لحظة صناعة التاريخ، لا شيء يمكن أن يبقى ضد هذه اللحظة كما كان، فإما أن تخضع القبيلة الحاكمة لصيرورة التاريخ، وإما أن تتحول إلى مجرد ذكرى، في التاريخ.