(1783) تاريخ مرض الملك والعائلة
2013-12-20 - 8:54 م
مرآة البحرين (خاص): صار (1783) موضوعاً على قائمة القضايا الأكثر إلحاحاً، دخل فضاء التدوال العام بعد أن صار ملجأ الملك في الحديث عن شرعية حكم قبيلته.إن استدعاء الملك المتكرر لهذا التاريخ ومقتضياته، يؤكد حقيقة أن مرض الملك وتعجرفه بالسطة والأزمة السياسية الحالية مؤسسة على هذا التاريخ الطويل المليء بالتوترات بسبب تفرد آل خليفة بالسلطة وممارستهم الإذلال للسكان الأصليين الذين لم يتقبلوا نظامهم.نحتاج أن نضع هذا التاريخ على طاولة الحوار العام الذي يشارك فيه الجميع.
إحدى الوثائق البريطانية، تؤرخ لنا سجل هذا المرض في العائلة الحاكمة، تتحدث الوثيقة عن محاولة صلح يقوم بها أمير الكويت، بين حاكم البحرين الثالث من آل خليفة وبين ابن أخيه محمد بن خليفة (جد مي الخليفة). بعد أن تمكن الثاني من طرد الأول من البحرين واستفرد بالسلطة، لتنتقل من آل عبدالله الخليفة إلى آل سلمان الخليفة. تقول الوثيقة:
"وصل الشيخ جابر إلى البحرين ترافقه ثمان سفن كبيرة وبدأ مناقشاته مع شيخ البحرين محمد بن خليفة ونتيجة لتلك المناقشات، أرسل ممثل من المجتمعين يدعو الشيخ عبدالله لحضور ذلك الاجتماع، ولكن الأخير كان مدركا أن هدف تلك الوساطة هو الصلح فقط، وليس عودته لحكم البحرين لذلك يرفض الدعوة ويغادر الدمام متوجها إلى بوشهر حفاظا على كرامته واحتراما لنفسه أمام أولئك الذين من حقهم مشاركته السلطة والإدارة وتفشل وساطة الشيخ جابر ويغادر البحرين" عبدالله بن أحمد محارب لم يهدأ، مي الخليفة، ص156
جوهر المشكلة التي تشير لها الوثيقة البريطانية هي المشاركة في السلطة، من هو صاحب السلطة الشرعية؟ ومن يحق له المشارك فيها؟ وإلى أي حد يمكنه المشاركة؟ أسئلة مازالت الإجابة عليها في البحرين مستعصية. لكن ذلك لا يمنعنا من محاولة فهم منطق الصراعات التاريخية التي دارت حول السلطة في البحرين منذ مجيء آل خليفة إليها.
في هذه الوثيقة جزء من هذا التاريخ، فهي تشير إلى الصراع الذي كان بين الحاكم الثالث للبحرين وهو (عبدالله بن أحمد آل خليفة) وبين حفيد أخيه (محمد بن خليفة بن أحمد آل خليفة)في 1843.كان صراعاً حول من له الحق في السلطة؟ من يحق له أن يكون حاكماً للبحرين؟ هذا الصراع يكشف لنا مفاهيم السلطة والدولة والمشاركة في السلطة والشرعية في تاريخ ممارسة السلطة عند آل خليفة الذين حكموا البحرين منذ 1783م.
في هذه الوثيقة، يرفض الشيخ عبدالله الصلح مع حفيد أخيه، فتفشل وساطة شيخ الكويت، يعتبر الصلح بدون استرداد السلطة بمثابة إهانة وتضييعا للكرامة، لم يكن العم يبحث عمن يصالحه مع حفيد أخيه، بل يبحث عن من يعينه على استرداد سلطته، فالسلطة التي هي الحكم المطلق للشخص تحفظ له هيبته وكرامته.ومشاركة السلطة من قبل شخص آخر أو شعب تعتبر إهداراً لكرامته وهيبته، وهذا المفهوم هو الذي مازال يحكم سلوك الملك وسلوك عائلته.
التفرد بالسلطة وليس المشاركة في السلطة مبدأ أساسي في الحكم القبلي الذي خضعت له البحرين منذ دخول آل خليفة، هناك من يأمر من دون أن يكون له شريك من الجماعة التي يحكمها. تاريخ السلطة في البحرين، عرف التبعية ولم يعرف الاستقلال، عرف الإخضاع ولم يعرف المشاركة، عرف الاحتراب ولم يعرف التوازن، عرف التسلط ولم يعرف القبول، عرف التوريث ولم يعرف التغيير، عرف الاستفراد ولم يعرف الديمقراطية، عرف القبيلة ولم يعرف المجتمع، عرف المكابرة والتعنت ولم يعرف الاعتراف بغيره.
السلطة مؤسسة على فعل الغزو القبلي، وقد لعب مفهوم (الغزو، الفتح، القوة، الاستيلاء)دوره في تشكيل السلطة ولعب مفهوم القبيلة دوره في تشكيل طبيعة السلطة. مفهوم الفتح صار يعني التملك، تملك الأرض والناس من قبل هذه القوة/السلطة. ومفهوم القبيلة صار يعني تفرد أصحابها بالسلطة وتحديد من يشاركها في مهماتها الإدارية. نحتاج نفصل ذلك بالعودة إلى التاريخ المؤسس لهذه السطلة، أي العودة إلى تاريخ 1783.