» رأي
وفاء العم: نعزي الوطن برحيلك
مقالات أخرى - 2011-09-12 - 8:17 ص
وفاء العم*
استقبلنا خبر رحيلك بصمت الصدمة، ثم كررنا الخبر خارج قلوبنا "عبدالرحمن النعيمي توفى"! قذفتني الذاكرة إلى 2006 حيث اللحظة التي كنت أقف فيها أمامك للمرة الأولى لأخذ تصريح صحفي، كان علي أن أكون ذكية في طرح السؤال فملامحك تقول إنك قائد صارم وصريح، بينما وجدت فيك إنسانا متواضعا ومتسامحا، عفويا مرحب بالطاقات الشبابية. كل هذه الخصال تستثيرك للتساؤل كيف لمرارة الغربة أكثر من 30 عاما أن تشكل نسيجا من هذا النوع؟
لماذا رحلت الآن؟ ماذا تريد أن تقول برحليك في مثل هذا التوقيت؟ أعلم أن "أم أمل" كانت تقول لك كل شيء وتخبرك بالتفاصيل، ولكن ألهذه الدرجة استشرى المرض فينا حد اليأس! أكان جرح حلمك الذي حملته على كتفيك من أجل وطن حر لا يرجف فيه الأمل صعبا! ألهذا تركتنا ورحلت بهذا الصمت دون ان تقول كلمة؟ اعتدنا على صمتك في ندوات الجمعية – وعد- حتى آخرها ثم تعلق بكلمات بسيطة فتعبر عن كل ما أرادت الجموع قوله، ولكنك هذه المرة لم تقل كلمة، بل بصمت أبدي واجهتنا!
هممت بتصفح كل المواقع الإلكترونية عل خبر وفاتك يكون مجرد شائعة، ففي الغربة، عزاؤنا الوحيد ذلك العالم الافتراضي، ولكنها كانت حقيقة، قرأت كل التعازي والبيانات والتعليقات، وجدتك رمزا جامعا، حتى في وفاتك أبيت إلا أن تكون قائد وطنيا يجمع كل الأطياف تحت مظلة نضاله وتاريخه، كنت دائما ما تؤكد على الوحدة الوطنية والحفاظ على اللحمة، أيا ترى هل قدمت نفسك قربانا يجتمع الفرقاء في مجلس عزائه؟ أي روح هذه التي تحمل كل هذا الحب والعطاء لتذهب إلى ما هو أبعد من الرمق الأخير.
اعذرنا ان لم نحضر عزاءك، فالغربة التي اكتويتَ بنارها، ها نحن نذوقها بلا ذنب حقيقي، اعذرنا إن لم نكن موجودين مع القاصي والداني في مجلسك بين كل الأطياف وكل التكوينات، فقد حرمنا قسرا من الوقوف معهم لأن أحد أبنائك عبر عن رأيه بصدق كما علمته، لأنه طالب بما طالبتَ انتَ به، فُهجّر كما هجرتَ.
أعرف كيف غرست في أبنائك إيمانك بذلك الوطن حامل راية الأمل والتغيير، فها هو ابني الصغير يشرب مما شرب منه أحد أبنائك، أعرف كيف ربيتهم، فمازلت أذكر تلك المرة الوحيدة التي حضرت فيها متطفلة تجمعٍ لشباب "وعد" وكنتَ تناقشهم في جلسة ودية، قلتَ إننا حصن المجتمع لأننا نبغض الطائفية ونرفضها لأننا مظلة الوطن ولسنا مظلة أشخاص أو طائفة، قلت هدفنا كسر احتكار السلطة ومحاربة الفساد ووضع حد للاستحواذ على المال العام "لا طابوقة ولا طابوقتين" قلت الكثير وكنا نستمع بإنصات، شعرنا جميعنا بأبوتك وحنكتك ورصانتك وقوتك وشعرنا كيف اخترقتنا كلامتك بدون مقدمات.
رحمك الله فلا نملك إلا أن نعزي هذا الوطن برحيلك.
اقرأ أيضا
- 2024-11-23التعايش الكاذب وصلاة الجمعة المُغيّبة
- 2024-11-20دعوة في يوم الطفل العالمي للإفراج عن الأطفال الموقوفين لتأمين حقهم في التعليم
- 2024-11-18النادي الصهيوني مرحبا بالملك حمد عضوا
- 2024-11-17البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق