يوسف مكي: جمعية وعد تتخلى عن شريف أمينها العام رهبة أو رغبة
يوسف مكي - 2014-10-29 - 5:55 ص
يوسف مكي*
اختارت اللجنة المركزية لجمعية العمل الوطني الديمقراطي (وعد) بالإجماع السيد رضي الموسوي أمينا عاما خلفا للسيد إبراهيم شريف المحكوم بخمس سنوات جراء قيادته للحراك الشعبي الذي انطلق في 14 فبراير 2011 .
إن ما قام به الإخوة في وعد إنما يدخل في صميم أمورهم الداخلية وضمن سياسة ترتيب بيت وعد السياسي كما يأتي ضمن الأطر التنظيمية. هذا في المطلق، لكن من حيث التفاصيل والظروف التي تعيشها وعد ضمن المعارضة فإن موضوع استبدال شريف ليس مسألة خاصة بوعد فقط إنما بمجمل الحراك الشعبي العام، وذلك لما للرجل من أهمية سياسية وأؤكد استرتيجية في هذا الحراك أيضا.
لذلك يتساءل المرء هل حالف التوفيق الإخوة في وعد تخليهم عن شريف وفي هذا الظرف بالذات؟
للاجابة على سؤال من هذا القبيل لا يملك أحد إجابة جازمة فاصلة، وإنما إجابات قد تقترب من الحقيقة أو تبتعد بهذا القدر أو ذاك. أما من جانبي وكمتابع للشأن الثقافي وليس السياسي (لأني لست سياسيا) فأعتقد أن استبدال شريف ليس موفقا وربما يكون خطأً استراتيجيا غير محسوب قامت به وعد لأي سبب من الأسباب.
أما كون استبعاد شريف خطئا استراتيجيا فيعود بتقديرنا إلى الأسباب التالية:
1- أن شريف حتى ولو كان داخل السجن يعتبر مصدر قوة إلى جمعية وعد وذلك لما يمثله من وزن بمختلف المعايير لدرجة أنه يمكن القول أنه يمثل أكثر الشخصيات السياسية والوطنية التي نالت إجماعا وطنيا من مختلف المكونات المجتمعية على امتداد خمسين سنة الأخيرة، وهذا في حد ذاته ما يخيف السلطة (أي الإجماع الوطني على شخصه) فهو بهذا المعنى يمتلك رأسمال رمزي لا يمتلكه خليفته أو خلفاؤه (مع احترام المقامات) أضاعته وعد بهذا الاستبدال، والسلطة دأبت منذ مائة عام على منع أي التفاف وطني حول شخصية وطنية وخاصة عندما تكون سنية.
2- كان نيلسون مانديلا في السجن لعقود من الزمن وفي نفس الوقت كان أحد قادة المؤتمر الوطني الأفريقي في نضاله ضد النظام العنصري كما أن رفاقه خارج السجن تمسكوا به ولم يقبلوا قيادة أخرى غيره لأسباب سياسية وشخصية وأظن أن هذه الأسباب تتوافر في شريف، فلماذا هذا الاستبدال غير المبرر. (إنه - الاستبدال- مصدر ضعف لوعد وليس قوة) إن وعد بحاجة إلى شريف وليس غيره الآن.
3- وايضا ان استبدال شريف خطأ مزدوج. بالنسبة لنفسه ولجمعية وعد نفسها بمعنى أن الاثنين متضرران. فـ"شريف"عندما يكون السجين السياسي وأمين عامة أهم جمعية علمانية شيء وعندما يكون مجرد سجين سياسي شيء آخر، وأظن أن هذا ما أرادته السلطة في التفريق بين الصفتين، واستجابت له وعد بقصد أو بدون قصد أو بقلة حنكة سياسية.
أما أن يكون مصدر ضرر لوعد فإنه يمكن القول أن شريف بوضعه السابق قبل السجن وبوضعه الحالي قبل الاستبدال يمثل ثلاثة أرباع قوة وحضور جمعية وعد (إذا استثنينا حنكة وكاريزما المرحوم عبد الرحمن النعيمي)، وبذلك تكون وعد قد تخلت عن مصدر قوتها وحضورها الجماهيري من خلال تخليها عن أمينها العام أيا تكن الأسباب والمبررات، ولا أظن أن حزبا يتخلى عن أهم مصادر قوته إلا أن يكون ساذجا أو قليل الحنكة السياسية أو اشياء أخرى لا نعرفها .
4- أحد الشخصيات الوطنية تنبأ بتخلي وعد عن أمينها العام السجين ضمن صفقة مع النظام. والآن وبعد مدة من هذا القول يصبح التنبؤ حقيقة لا مراء فيها. فهل حدث ذلك وفقا لصفقة بالفعل؟ لا نستطيع الجزم بذلك ولا نتمنى ذلك لجمعية مثل وعد، ولكن لا نستبعد ذلك بالمرة في الوقت نفسه. فهذا هو شأن السياسة والسياسيين عموما فكيف إذا كان السياسيون تعوزهم الألمعية السياسية.
لكل هذه الأسباب كما نعتقد أخطأت وعد خطأً استراتيجيا باستبعادها شريف من الأمانة العامة. وباتت مكشوفة وضعيفة أمام جبروت السلطة.
إذن ما العمل؟
كان بالإمكان (في تقديرنا) الإبقاء على شريف أمينا عاما حيث هيبة وعد من هيبته ومقامه وحنكته حتى لو كان طلب التخلي جاء من أبو شريف نفسه. فشخص بوزنه ورأسماله الرمزي لم يعد ملكا لنفسه إنما هو ملك لوعد وجماهير وعد وكذلك للشعب البحريني فبالتالي لا يملك التخلي عن مهمة وطنية هو أجدر وأفضل من غيره بها.
ولكنني أستبعد تخلي أبو شريف عن مهمة نذر نفسه لها، وأميل إلى أن رفاقه في وعد، وللأسف بالإجماع، قد تخلوا عنه رهبة أو رغبة. وهذا ما ستبينه الأيام، وبذلك تكون وعد قد فقدت الكثير من الرأسمال الرمزي والثوري الذي اكتسبته بفضل ومكانة شريف وليس بغيره.
يبقى القول أن جمعة وعد بـ"شريف" شيء، وباستبداله بآخرين شيء آخر. وسلامتكم.
* سوسيولوجي بحريني.
- 2024-11-23التعايش الكاذب وصلاة الجمعة المُغيّبة
- 2024-11-20دعوة في يوم الطفل العالمي للإفراج عن الأطفال الموقوفين لتأمين حقهم في التعليم
- 2024-11-18النادي الصهيوني مرحبا بالملك حمد عضوا
- 2024-11-17البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق