حسم الصراع في البحرين
2015-02-09 - 4:08 م
علي الفرج*
لا شك أن اعتقال أمين عام أكبر جمعية (أو حزب) سياسي، الشيخ علي سلمان، في البحرين يشير إلى أن السلطة مستعجلة لحسم الصراع الموجود في البحرين بين حكومة قبيلة آل خليفة والقوى المدنية المعارضة الداعية للتحول الديمقراطي.
حسبت أسرة آل خليفة، بعد تفريق المعتصمين في دوار اللؤلؤة واستشهاد أربعة من المواطنين، أن الحركة الثورية قد قضي عليها، لذا اعلنت الانتصار العسكري. الآن وبعد مضي أربع سنوات على انطلاق الثورة، وحتى بعد لجوء السلطة لاستخدام المدرعات والحواجز الإسمنتية والأسلاك الشائكة كترتيبات للمعركة الحاسمة أصبح واضحا أن الحسم العسكري المعلن في مارس 2011 ما كان إلا جولة في معركة كثيرة الجولات. كمقارنة بسيطة بين 2011 و2015 أصبح وضع السلطة في وضع لا تحسد عليه.
خلقت السلطة في عام 2011 فرز طائفي في البلد، فكان آنذاك جمهور الفاتح والفزعة السنية إلخ من الاستفافات الطائفية التي احترقت كورقة تفاوض مع الوقت. عمودا الفرز الطائفي الموالي لأسرة خليفة من المواطنين (أي الإخوان المسلمين والحركة السلفية) أصبح وضعهما مختلفا جدا في عام 2015.
الإخوان وبعد انكفاء نفوذهم في مصر وإعلان المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة وهما الداعمان الرئيسيان للنظام البحريني في المنطقة الحرب على الإخوان المسلمين، أصبح وضعهم، أي الإخوان، في موضع الحفاظ على الوجود بدل القيادة والنفوذ. من جهة أخرى الحركة السلفية، والتي تتلون مع الجو الإقليمي، قامت بانعطافات عدة. ما زال الشارع في البحرين يستعرض في ذهنه صور بعض قيادات السلف مع الحركات الإرهابية في سوريا، ولا يستطيع المراقب إلا الربط بينهم ولو ذهنيا وبين الفظاعات التي تقوم بها هذا الحركات.
السلطة لا تستطيع في هذا الجو الإقليمي المعادي للسلفية السياسية الا التبرؤ من هكذا تيار أو على الأقل عدم تقديمه كتيار ممثل للسلطة. قراءتي الشخصية لوضع هذا الفكر حاليا هو أنه مقبول في دول المنطقة فقط من جانب التأييد الأعمى للأنظمة القائمة كفكر موالي (يتلون) مع سياسات ولي الأمر و'الخليفة واجب الطاعة‘.
في عام 2015 لم يبق للسلطة إلا الاعتماد على 'المنتفعين‘ المنتخبين من عشرات الناس بدل (عشرات الآلاف الذين كانوا صوتوا في انتخابات 2006 و2010) أي أصبح وضع شعبية آل خليفة في أدناه حتى في صفوف المحسوبين على الموالاة.
خلال هذه الفترة (بين عامي 2011 و2015) قامت السلطة باستعراض، وأيضا استهلاك، كل قوتها، بينما حاولت التخفيف من القبضة الأمنية بعض الشيء تدريجيا في عامي 2012 و2013، قامت في عام 2014 بإرجاع الوضع لحالة شبيهة بوضعه في عام 2011، على الأقل في عدد المعتقلين السياسيين. كما زادت على ذلك من حيث استهداف قيادات جمعية الوفاق. خيارات السلطة حاليا جدا محدودة لا تتجاوز سفك دماء جديدة أو استهداف قيادات دينية أو سياسية جديدة. هذه الخيارات لا ينتج عنها أي نتائج إيجابيه لمصلحة السلطة فضلا عن أن تؤدي لحسم المعركة.
لعل الفشل الذريع الذي لم يستطع آل خليفة حتى التخفيف من خسائرهم فيه هو الجانب الإعلامي. لم تستطع شركات العلاقات العامة وتصريحات مسؤولي الدول الداعمة للنظام تغيير أو تقليل الضغط الإعلامي فلا زال الوضع الحقوقي في البحرين يتصدر تقارير منظمات حقوق الإنسان ولازلت البحرين تذكر في الإعلام كأنموذج لانتهاك الحريات المدنية.
لولا الوضع الأمني الإقليمي المتدهور في المنطقة لكانت أخبار البحرين تتجاوز أخبار غزة والضفة الغربية. إن هذا ليس من المستغرب حيث إن عدد المعتقلين السياسيين في البحرين (حوالي 3500 معتقل من 600 ألف مواطن) قد تجاوز من حيث النسبة للسكان العدد في الأرض الفلسطينية المحتلة (حوالي 7000 معتقل سياسي من حوالي 5 مليون فلسطيني من غير المهجرين).
الوضع الاقتصادي في البحرين حتما لا يدعم وضع السلطة. مع تراجع أسعار النفط لحوالي ثلث السعر عام 2011 وقلة حماس دول الخليج لدعم النظام اقتصاديا عما كان عليه عام 2011، أصبح الوضع في البحرين عبئًا زائدًا على مشاكل هذه الدول. إن الوضع الأمني المستنفر طوال الأربع سنوات الفائتة أنهك قوات الأمن ولا شك أصبح ثقلا اقتصاديا أنهك مقدرات الدولة مما اضطرها لفرض ضرائب جديدة بعناوين مختلفة كزيادة سعر الغاز للشركات أو زيادة الغرامات المرورية.
لعل الوضع الأكثر خطورة على كيان السلطة هو عدم وضوح الرؤية بالنسبة لمستقبل الحكم في المملكة العربية السعودية بعد وفاة الملك عبدالله والتدخل الأمريكي المباشر في إدارة الشأن الداخلي السعودي بعد تولي الملك الجديد سلمان بن عبدالعزيز لضمان استقرار الدولة في مرحلة انتقال السلطة بين الطبقتين الثانية والثالثة من أسرة آل سعود. فكما أن آل خليفة يعولون كثيرًا على الدور الأمريكي والبريطاني فإنهم أيضا لا يأمنون من الانعطافات الحادة التي قامت وتقوم بها إدارة أوباما في المنطقة للحفاظ على وجودها وخاصة مع قرب التوصل لاتفاق نهائي حول الملف النووي الإيراني.
إن السلطة كانت تعول كثيرا على عامل الوقت لإطفاء شعلة ثورة البحرين لتجد نفسها في عام 2015 في وضع أكثر صعوبة وتعقيدا.
* ناشط وطبيب نفسي بحريني مقيم في لندن.
- 2024-11-23التعايش الكاذب وصلاة الجمعة المُغيّبة
- 2024-11-20دعوة في يوم الطفل العالمي للإفراج عن الأطفال الموقوفين لتأمين حقهم في التعليم
- 2024-11-18النادي الصهيوني مرحبا بالملك حمد عضوا
- 2024-11-17البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق