» رأي
من يملك الشجاعة؟
مراد الحايكي - 2012-03-17 - 1:14 م
مراد الحايكي*
الأزمات تحتاج إلى أشخاص يمتلكون قدرا من الشجاعة والتضحية لحلّها وحلحلتها، ودائما ينظر إلى الطرف القوي وصاحب السلطة والكلمة الفصل انه عليه تقديم التضحيات والتنازلات مقابل إنهاء الازمة، وهذا الأمر لا يبدو جليّاً في الحالة البحرينية.
عام كامل مرّ علينا مذ إعلان حال (السلامة الوطنية) من قبل النظام في البحرين، والذي دخلت البحرين بإعلانه نفقاً مظلما انتهكت فيه حقوق الانسان، ومورست فيه كل وسائل التعذيب والقتل.
عام كامل أُعتقل فيه الآلاف من ابناء الشعب البحرين بسبب مواقفهم السياسية، وبسبب اصرارهم على ان تكون مستقبل البحرين أفضل، فالمئات منهم اعتقلوا لأنهم كانوا في المكان الخطأ، وفي الوقت الخطأ ليس أكثر.
حاول النظام حلّ الأزمة بالالتفاف عليها، وتمييع المطالب الشعبية، وذلك عبر اعلانه،... نهاية العام الماضي عما سُميّ "حوار التوافق الوطني" الذي لم يكن اكثر من "جلسة زار" حسبما اسماها البعض، ولم ينتج منها إلا مزيدَ من التصدّع ومزيدَ من التطرف والتعصب في المواقف.
لا ننسى هنا الدورالمُعيب لوسائل الاعلام الحكومية وشبه الحكومية بدءًا من تلفزيون البحرين مروراً بالصحف والجرائد اليومية، وانتهاءًا بمواقع التواصل الاجتماعي، التي عملت جاهدة لإشعال حرب طائفية في البلد، وحاولت فيها مذهبة حراك الرابع عشر من فبراير/شباط.
وللأسف فقد نجحت في ذلك، يبدو أن المجتمع البحريني كان مستعدا، ويمتلك جميع المقومات التي يحتاجها النظام لتغيير دفة المطالب وتصويرها على أنها مطالب طائفة من أجل الطائفة، لا مطالب شعب من أجل الوطن.
وتكثر هذه الأيام الاحاديث عن بدء حوار"جديد" تحاول من خلاله الحكومة في البحرين ترتيب بيتها الداخلي بعد أن كثرت الانتقادات والضغوطات عليها من الخارج، وبعد أن تأثر الاقتصاد بصورة كبيرة. ولكن، وحتى كتابة هذا المقال، لا نرى في الأفق أيّ حلّ جذري للأزمة البحرينية يجلب لها الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي للسنوات القادمة.
كلنا نعرف، وعلى يقين بأن حلّ الأزمة بحاجة إلى شجاعة من النظام باتخاذ خطوات عمليّة وصريحة تجاه بعض الملفات الرئيسة، ومن أهمها تقديم كل المتهمين والمسؤولين عن قضايا التعذيب والقتل التي مورست ضد المحتجين والمعارضين.
ان حلّ الأزمة يبدأ بتطبيق توصيات السيد بسيوني التي جاءت في تقريره الذي أثبت فيه فظاعة الممارسات التي ارتكبتها القوى الأمنيّة ووسائل الاعلام بحق الآلاف من ابناء هذا الوطن.
لكن يجب علينا أن نؤكد ان تنفيذ توصيات بسيوني ما هي إلا تمهيد للأزمة البحرينية وامتحان للسلطة لرؤية مدى جدّيتها في الاصلاح السياسيّ والاجتماعيّ الذي انتهى في العام 2002 بعد تفرّد السلطة في إصدار دستور جلب للبلد قنبلة تفجرت في 14 فبراير/شباط 2011 وما بعد 14 فبراير/شباط.
في الدول المتحضرة، والتي تُحاسب فيها الحكومات من قبل مؤسسات تشريعية منتخبة ممثلة للشعب، يستقيل المسؤولون في الحكومة من مناصبهم في حال تأثر المواطنين وتضررهم وتضرر مصالحهم جراء الكوارث الطبيعية كالزلازل والأعاصير.
ونحن لغاية اليوم، ورغم كل ما تمّ اثباته من فشل الحكومة الحاليّة في إدارة البلد ومسؤوليتها المباشرة عن جميع ما أُرتكب من جرائم وانتهاك ... تم توثيقه في تقرير بسيوني، وما لم يتم توثيقه، الا أننا لم نر أية ردة فعل من قبل الحكومة بمستوى الحدث، مما يثير التساؤل عن مدى جدّية هذا النظام في تصحيح الوضع القائم واحياء المشروع الاصلاحيّ الذي جاء به الملك في العام 2001.
ولا يجب أن ننسى بأن المعارضة هنا تتحمل جزءا من المسؤولية، فالجمعيات المعارضة وأخصها الجمعيات ذات الصبغة المذهبيّة ساهمت في وجود أرضية ومناخ مناسبين لإشعال نار الطائفيّة في البحرين، فمواقفها من بعض الملفات ومن القوائم الوطنية وانتخابات النقابات والجامعة قد ساهم في تشطير البحرين وتقسيم مؤسسات المجتمع المدني على اساس طائفي.
يا ترى من هي الشخصية الشجاعة التي ستنتشل البحرين من أزمتها؟ هل ستكون شخصية من داخل الوطن أو ... من خارجه؟ هل ستقوم الحكومة بالاعتراف والاعتذار عما ارتكبته من انتهاكات تلزمها بالاستقالة؟ هل سيعي النظام بأن الوضع العربي قد تغيّر وان الشعوب العربية بمن فيهم شعب البحرين لم يعد مقبولا لديه أن يحكمه نظام سلطوي اقصائي؟ ولم يعد يقبل الجلوس في مقاعد المتفرجين، بل يريد أن يكون جزءا فعّالا في صناعة القرار في وطنه؟ يا ترى من سيكون حامل راية الاصلاح القادمة؟
لا أملك اجابات على هذه الاسئلة، لكن بلا شك يجب عليه أن يكون رجلاً شجاعاً.
* ناشط بحريني.
اقرأ أيضا
- 2024-11-23التعايش الكاذب وصلاة الجمعة المُغيّبة
- 2024-11-20دعوة في يوم الطفل العالمي للإفراج عن الأطفال الموقوفين لتأمين حقهم في التعليم
- 2024-11-18النادي الصهيوني مرحبا بالملك حمد عضوا
- 2024-11-17البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق