باقر درويش: الذباب الإلكتروني في البحرين
باقر درويش - 2018-07-07 - 7:26 م
استطاعت الحكومة البحرينية تطوير بعض أدوات القمع لمساندة المنظومة الأمنية؛ حيث لم تعد الصورة النمطية بكافية لضابط الأمن الملثم الذي يقود مجموعة من العناصر الأمنية في حملات المداهمات الليلة أو ما وصفه محمد حسنين هيكل #خفافيش_الظلام، على الأقل هذه نتيجة طبيعية للانحدار السريع نحو هدم كل صور مدنية الدولة عبر تعزيز بنية الدولة البوليسية، التي تحول السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية والإعلامية لوشاة وأدوات قمع متعددة الأوجه.
بموازاة ذلك؛ نجح السعار الطائفي الذي اشتغلت عليه إدارة تلفزيون البحرين وانتقده تقرير اللجنة الوطنية المستقلة لتقصي الحقائق لاحقا ووصفه بالـ "التغطيات التحريضية" في تهيئة الأرضية لبرمجة خطابات الكراهية والتحريض في الصحافة الرسمية ومواقع التواصل الاجتماعي محليا؛ في ذات الوقت الذي بدأت فيه بعض الدول بتكوين جيوش الكترونية وتطوير أدوارها ومنها السعودية والإمارات.
ولعلَّ المراقب يعتقد بأنَّ النفوذ السعودي والإماراتي يقتصر على مفاعيل وجود قوات درع الجزيرة في البحرين منذ 2011؛ هذا غير صحيح؛ فإلى جانب الدعم الأمني والدبلوماسي والسياسي هنالك الإسناد الإلكتروني عبر الذباب الإلكتروني.
الذباب الإلكتروني: هو مصطلح حديث في عالم الإعلام الرقمي. يقصد به الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي الموجهة من قبل مبرمجين مختصين لشن حملات إعلامية ممنهجة ضد أشخاص أوكيانات أو دول.
تظهر سجلات الرصد في منتدى البحرين لحقوق الإنسان لخطاب الكراهية التالي: مئات الحسابات الإلكترونية التي تنشط بشكل شهري في نشر مواد كراهية أو مواد تحريضية في البحرين، بالإضافة إلى 800 - 1000 من الحسابات الإلكترونية الوهمية التي يتم إنشائها أثناء وجود أحداث محلية هامة وتختفي بعد ذلك؛ كالهجوم على منطقة الدراز في العام الماضي، وهي تعمل على نشر تغريدات الكترونية (ذات أغراض متعددة) ونشر الشائعات وتفعيل الرتويت واللايك وانجاح الوسوم (الهاش تاقات) المنشئة لتصل للترند بالإضافة إلى كثير من الأعمال ليس آخرها تهديد الناشطين؛ ومن الواضح أنَّ هنالك ما لا يقل عن 100 شخص يعملون لصالح الإعلام الأمني في إدارة هذه الحملات الإلكترونية.
بيد أنَّ السلطات الأمنية لا تكتفي فقط بالحسابات الإلكترونية المعرفة أو الوهمية فهي تستعين بعدد من الشخصيات الإعلامية أو الأمنية أو السياسية في إسناد مهمة الذباب الإلكتروني، والتي تتم بطريقة مبرمجة، ومن هذه الأسماء التي تنشر : رئيس الأمن العام طارق الحسن، سعيد الحمد، ومستشارة وزارة الإعلام البحرينية سوسن الشاعر، رئيس مجلس إدارة جريدة الأيام نجيب الحمر، الوكيل المساعد للمعلومات والمتابعة في ديوان رئيس الوزاء إبراهيم الدوسري (أوقف حسابه بعد مشكلة نائب تائب)، النائب السابق محمد خالد، رئيس تحرير أخبار الخليج أنور عبد الرحمن، فيصل الشيخ، منى مطوع، رئيس تحرير جريدة الوطن البحرينية يوسف البنخليل، رئيس تحرير جريدة البلاد.
وبعيدا عن الذباب الإلكتروني المحلي، نستطيع لتحليل التعاون الموجود بين الجيوش الإلكترونية الثلاث: (البحرين، الإمارات، السعودية) نستطيع استعراض هذا المثال: هاش تاق #حريق_أنابيب_نفط_البحرين تم تفعيله بشكل مكثف من السعودية وذلك بعد التغريدة الأولى بتمام الساعة 12:00م في 10 / 11 / 2017 من حساب: SaudiNews50 وهو حساب يتابعه أكثر من 10 مليون ويعكس السياسة السعودية الرسمية.
بعد ذلك تم رصد 1223 تغريدة وتحليلها يتضح لنا التالي: ملاحظة ارتفاع نسبة مواد الكراهية في التغريدات التي تستخدم هذا الوسم #حريق_أنابيب_نفط_البحرين قد بلغت نسبة المستخدمين للوسم من السعودية في الفترة الأولى 66%، وبعد ذلك وخلال 10 - 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 بلغت نسبة المشاركة لهذا الوسم بالإضافة إلى استخدام وسوم أخرى ذات صلة بالموضوع وفق النسبة التالية: السعودية: 33%، البحرين: 33%، الإمارات: 33%.
فبالتالي؛ من يتابع حملات التحريض الموجودة في مواقع التواصل الاجتماعي يلحظ بأنَّ السلطة تعمل بشكل ممنهج على شن حملات التحريض والكراهية، ومحاصرة الهامش الضيق من مساحة التعبير عن الرأي في مواقع التواصل الاجتماعي ضمن سياسات اعلامية مرسومة بدقة، وهي بذلك جعلت مساحات الاحتجاج الواقعية والافتراضية ساحة نزاع.
*رئيس منتدى البحرين لحقوق الإنسان
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليقات والردود التي تنشر تعبر عن رأي أصحابها، ولا تعبر عن رأي "مرآة البحرين" بالضرورة. نستقبلها على البريد التالي: editor@bahrainmirror.com
- 2024-11-23التعايش الكاذب وصلاة الجمعة المُغيّبة
- 2024-11-20دعوة في يوم الطفل العالمي للإفراج عن الأطفال الموقوفين لتأمين حقهم في التعليم
- 2024-11-18النادي الصهيوني مرحبا بالملك حمد عضوا
- 2024-11-17البحرين في مفترق الطرق سياسة السير خلف “الحمير” إلى المجهول
- 2024-11-13حول ندوة وتقرير سلام تعزيز الديمقراطية.. أمل قابل للتحقيق