» تقارير
المنامة... المدينة الملوّنة
2012-09-07 - 9:13 ص
مرآة البحرين (خاص): عادت المنامة اليوم، لكي تشدّ بوصلة الاحتجاجات لها. العاصمة، والمدينة الجميلة التي وُصفت بـ«شانزليزيه الخليج»، عادت كي تحتلّ موقعها الرّائد في مسيرة الحركة الوطنية. إنها محاولة، بين صفّ عريض من المحاولات السابقة. ثم ها إنها عادت، كي تصبح مكاناً للتحدّي، ومكاناً للمفاصلة المفتوحة على ألف احتمال، منذ 14 فبراير/ شباط، بين من يريد الحرية أو يريد الديكتاتورية.
ليست الديكتاتورية بدعاً عند الشعوب. ومثلها أيضاً المطالبات من أجل الحرية. لكن التاريخ يعلمنا، أن الشعوب تنتصر. أن الحريات تنمو، فهي تنفع الناس. أما الديكتاتورية، فتتقلص، إن مكانها الصحيح، هو «مزبلة التاريخ». فهي لا تنفع إلا قلّة. ثلّة متآكلة. طفيليّة. عصابة بائدة من اللصوص المتمصلحين، تعيش على هامش الزمن، والتطور، على السواء.
إنها المنامة إذن. المكان الذي احتضن أكبر محاولات الرّفض في تاريخ البحرين الحديث. منذ هيئة الاتحاد الوطني إلى لحظة وصول المحتجين إلى دوّار «اللؤلؤة»، واتخاذه مركزاً، إيذاناً بانتقال الحركة الوطنية من «الزواريب» المهملة الضيّقة إلى فضاء التعددية الرّحب. فضاء المدينة، بكلّ ألوانها. وحدها المدينة، هي القادرة على احتضان عملية مزج الألوان.
فيما أرادت السلطة أن تصبغ المدينة بلون واحد. هو لونها. لون العنصريّات القديمة. لوْن الجاهلية. لوْن عسْف «القانون» المكتوب بإرادة المنتصر، إرادة الغازي الغجريّ. أرادت السلطة أن تمنح لنفسها وحدها، حرية ضبط اللون، ودرجته. الحق في تأويله. إرجاع الناس القهقرى، إلى الأزقة الضيقة. حيث يصرخون: ولا من يسمع. حيث يحتجّون: ولا من يرى. حيث يموتون: ولا من يتكلم أو يأبه!
ميزة المدن، أنها المكان الخصْب، لمراكمة التعددية. هكذا كانت المنامة. مكاناً للشيعة والسنة والعجم والهولة، عرباً وهنوداً. باستمرار، ظلّت قابلة لأن تحتضن هذا «الموزاييك» العجيب. الخليط الملفّق، الذي يعكس جمال صورة البحرين. يريد نشطاء 14 فبراير/ شباط، أن يكونون ضمنه. في الصميم. أن يكونوا لوناً في مزيجه. أن يصرخوا «آه» من البرج العالي، لا من الحواريّ البعيدة المنسيّة.
وهم اليوم، هناك، في المنامة، يناوشون آخر الديكتاتوريات الصغيرة الآفلة، الآيلة إلى التلاشي.
كانت تلك، هي أمنية نبيل رجب. ابن المنامة، ووارث طوْر العناد من نسيج أعرق عوائلها. جدّه الذي قارع المحتلين. أن تتحوّل المنامة إلى وطن للاحتجاجات. إلى مكان، ينحت فيه الثوّار بصمتهم. لا يتركونه لتأويل السلطة. صفة الخنوع ليست قدر المنامة. محض الولاءات على الطريقة البدائية المتخلفة ليس «موديلها». إن ذلك كان تاريخها، حافلاً بالعصيان. وكذلك سيكون حاضرها.
لن تصبح المنامة موطئاً للغازي. لن يحتكرها وحده. لن تكون جنته. إنها المدينة الملوّنة. المدهونة بألف لون ولون. لون الفسيفساء العريضة التي طبعت تاريخ البحرين. لون التمرد والمقاومة. لون البحّارة القدماء، وهم يرخون فتْل سفنهم عند «باب البحرين». لون الثقافات الرحّالة ما بين شبه الجزيرة الهندية والجزيرة العربية. لوْن أحيائها القديمة.
... ثم أنه لون ثورة 14 فبراير/ شباط، العتيد. المغمّس بالكرامة. ووعد الحرية بأن تنصر جندها!
ليست الديكتاتورية بدعاً عند الشعوب. ومثلها أيضاً المطالبات من أجل الحرية. لكن التاريخ يعلمنا، أن الشعوب تنتصر. أن الحريات تنمو، فهي تنفع الناس. أما الديكتاتورية، فتتقلص، إن مكانها الصحيح، هو «مزبلة التاريخ». فهي لا تنفع إلا قلّة. ثلّة متآكلة. طفيليّة. عصابة بائدة من اللصوص المتمصلحين، تعيش على هامش الزمن، والتطور، على السواء.
إنها المنامة إذن. المكان الذي احتضن أكبر محاولات الرّفض في تاريخ البحرين الحديث. منذ هيئة الاتحاد الوطني إلى لحظة وصول المحتجين إلى دوّار «اللؤلؤة»، واتخاذه مركزاً، إيذاناً بانتقال الحركة الوطنية من «الزواريب» المهملة الضيّقة إلى فضاء التعددية الرّحب. فضاء المدينة، بكلّ ألوانها. وحدها المدينة، هي القادرة على احتضان عملية مزج الألوان.
فيما أرادت السلطة أن تصبغ المدينة بلون واحد. هو لونها. لون العنصريّات القديمة. لوْن الجاهلية. لوْن عسْف «القانون» المكتوب بإرادة المنتصر، إرادة الغازي الغجريّ. أرادت السلطة أن تمنح لنفسها وحدها، حرية ضبط اللون، ودرجته. الحق في تأويله. إرجاع الناس القهقرى، إلى الأزقة الضيقة. حيث يصرخون: ولا من يسمع. حيث يحتجّون: ولا من يرى. حيث يموتون: ولا من يتكلم أو يأبه!
ميزة المدن، أنها المكان الخصْب، لمراكمة التعددية. هكذا كانت المنامة. مكاناً للشيعة والسنة والعجم والهولة، عرباً وهنوداً. باستمرار، ظلّت قابلة لأن تحتضن هذا «الموزاييك» العجيب. الخليط الملفّق، الذي يعكس جمال صورة البحرين. يريد نشطاء 14 فبراير/ شباط، أن يكونون ضمنه. في الصميم. أن يكونوا لوناً في مزيجه. أن يصرخوا «آه» من البرج العالي، لا من الحواريّ البعيدة المنسيّة.
وهم اليوم، هناك، في المنامة، يناوشون آخر الديكتاتوريات الصغيرة الآفلة، الآيلة إلى التلاشي.
كانت تلك، هي أمنية نبيل رجب. ابن المنامة، ووارث طوْر العناد من نسيج أعرق عوائلها. جدّه الذي قارع المحتلين. أن تتحوّل المنامة إلى وطن للاحتجاجات. إلى مكان، ينحت فيه الثوّار بصمتهم. لا يتركونه لتأويل السلطة. صفة الخنوع ليست قدر المنامة. محض الولاءات على الطريقة البدائية المتخلفة ليس «موديلها». إن ذلك كان تاريخها، حافلاً بالعصيان. وكذلك سيكون حاضرها.
لن تصبح المنامة موطئاً للغازي. لن يحتكرها وحده. لن تكون جنته. إنها المدينة الملوّنة. المدهونة بألف لون ولون. لون الفسيفساء العريضة التي طبعت تاريخ البحرين. لون التمرد والمقاومة. لون البحّارة القدماء، وهم يرخون فتْل سفنهم عند «باب البحرين». لون الثقافات الرحّالة ما بين شبه الجزيرة الهندية والجزيرة العربية. لوْن أحيائها القديمة.
... ثم أنه لون ثورة 14 فبراير/ شباط، العتيد. المغمّس بالكرامة. ووعد الحرية بأن تنصر جندها!
اقرأ أيضا
- 2024-11-25هل تُقفل السلطة ملفات الأزمة في ديسمبر 2024؟
- 2024-11-13صلاة الجمعة.. لا بيع أو شراء في الشعيرة المقدّسة
- 2024-11-13ملك المستعمرة أم ملك البحرين: كيف تتعامل المملكة المتحدة مع مستعمرتها القديمة؟ ولماذا لم تعد تثير أسئلة حقوق الإنسان على فارس صليبها الأعظم؟
- 2024-11-05الجولة الخائبة
- 2024-11-03هكذا نفخت السلطة في نار "الحرب" على غزة كتاب أمريكي جديد يكشف دور زعماء 5 دول عربية منها البحرين في تأييد عمليات الإبادة