نغم الفيتروني: ملك البحرين يتمرّد على خطط "التعافي الاقتصادي".. من بوابة التعيينات الحكومية
نغم الفيتروني - 2022-06-22 - 12:56 ص
وكأن ملك البحرين، وبعد كل التهليل لخطة التعافي الاقتصادي التي أعلِن عنها في نوفمبر 2021، اختار هذه المرة التمرّد على "كلاشيهات" ترشيد الإنفاق ودعايات تعزيز الاستقرار المالي.. فكّر ملياً، ثم قرر التصدّي لكل الدعوات التي طالبته ذات يوم بتشكيل حكومة مصغرة بما يضمن ترشيد الإنفاق الحكومي.. هذه المرة حكومة من 24 وزير ، عددهم أكبر من وزراء بريطانيا العظمى.. الرسالة واضحة مرّرها بطريقة صريحة: "لا يحق لأحد التدخّل في إدارة شؤون البلاد، والأمر لي"..
ورغم أن تبعات الأزمة الاقتصادية في البحرين لا يمكن أن تُحَل بتشكيل حكومة مصغرة، في ظل سيطرة العائلة الحاكمة وهيمنتها على كافة السلطات وتجيير المال العام لحسابها الشخصي وهوايات أنجال الملك، وكذلك غياب الشفافية والمحاسبة، غير أنّ مجرّد قرار الملك استحداث 4 وزارات جديدة تمثّلت بوزارات البنية التحتية، والشؤون القانونية، والتنمية المستدامة، والسياحة، يطرح الكثير من علامات الاستفهام، خصوصاً وأن البلاد لم تتعافَ بعد من تبعات السياسات الاقتصادية الخاطئة والهدر المتجذّر وإفلات المفسدين من العقاب، ولا زال المواطن يكابد مضاعفة ضريبة القيمة المضافة والغلاء الفاحش ورفع الدعم عن بعض السلع، وتخفيض ميزانيات الإسكان وغيرها، عدا عن تعرّضه بشكل دوري لسرقة مكتسباته وحقوقه، كما جرى مع المتقاعدين إبّان إقرار تعديلات قانون التقاعد.
وبطريقة "رياضيّة وحسابية" بعيداً عن المناصب، استحدث ملك البحرين في حكومة نجله الجديدة باباً لهدر نحو 29600 دينار شهرياً، ما يعني ارتفاع المبالغ المخصصة كرواتب للوزراء من 148000 دينار إلى 177600 دينار -علماً أن المبالغ المحددة تقريبية- طبعاً عدا راتب ومخصصات رئيس الوزراء الذي هو بطبيعة الحال نجل الملك، ولا زال يحافظ أيضاً على منصبه كوليّ للعهد.. مع الإشارة إلى أن هذه الزيادة المضطردة بقيمة 17% لمصروفات حكومية، تأتي رغم تضمّن الميزانية العامة للدولة للعامين الماليين 2021- 2022 تضمنت بند خفض النفقات الحكومية.
هذه النفقات الإضافية على مكامن غير مستعجلَة تأتي في وقت تذوب فيه حتى اللحظة الإيرادات النفطية الوفيرة، التي من المفترض أن يكون النظام قد جناها مع الإرتفاع المضطرد بأسعار الذهب الأسود عالمياً.. وفورات لربّما بدأت تجلّياتها بالظهور منذ عودة السفرات المتواترة للملك وحاشيته من النواب والوزراء إلى الخارج، وتفعيل حملات التلميع وتبييض الصورة غير المجدية، إلى جانب عودة باكورة الإنفاق الرسمي المفتوح على هوايات أنجال الملك وشراء البطولات الوهمية، رغم أنها سبق وورّطت ناصر بن حمد بفضيحة لم تُمحَ حتى اليوم من ذاكرة البحرينيين.. أمّا آخر التجليات - ولا بدّ أنها لن تكون الأخيرة - تبَلوَر برفع الإنفاق الحكومي واستحداث الحقائب الوزارية.
كل ما سبق ذكره يؤكّد مدى تغلغل عقلية الاستفراد بالحكم في أداء النظام، وكيف تتوفّر "بقدرة قادر" الوفورات المادية لتمويل ما يراه الملك وعائلته مناسباً، بينما تسري سياسات التقشّف على من لا يعدو بنظر حمد بن عيسى كونه مجرد منتمٍ إلى طبقة الـ "بروليتاريا" -المواطن بمعنى آخر - لا تصلح إلا لجني الضرائب.
صحفية لبنانية