محمد البحراني: الخطاب المغالط من السامية إلى القومية

محمد البحراني - 2024-11-21 - 7:22 ص

الخطاب المغالط يقوم على تقنيات عالية ، في سحر الانتماء وخداع المنتمين ، ومواجهة الاخر بصدق فني ، يشبه آفة الشاعر الذي يتفنن في إغواء المتلقي ، غير أن الفرق بين الشعرية والإيديولوجية أن الشعرية سحر وجمال تبتغي خلق واقع جميل ، وتسعى إلى الوصول إلى ما ينبغي أن يكون او ما يتجاوز واقعا محفوفا بالجمال ، وتحاول المغالطات الأيديولوجية ويحاول أرباباها تعبيد الطريق أمام افتئات وأسامير وأباطيل ابتغاء خلق واقع مغاير ، على مسرح اغتصاب الذات وماتنطوي عليه من منظومة من القيم ، وإحلال أحاديث او قيم مكذوبة مكانها ، وحفل التاريخ بعثية خطابية اتسمت بقدرة خلاقة قادرة على زعزعة الحق وشرعنة الباطل ، ومن أهمها الحركة السوفسطائية التي استطاعت ان تقوض وجود حكيم عظيم مثل سقراط ،. 

وقد لاح لو ظهر في واقعنا الحديث حركات زائفة بل مزورة ، كانت قادرة على اختطاف مقدرات أمم او جماعات او فئات . 

وكان أبرزها ( معاداة السامية ) بوصفها عنوانا مختطِفا ومزورا ، وتزعم هذه المقولة ان السامية هي اليهودية ، باعتبارها هوية أيدلوجية وقائمة على اللغة العبرية ،. 

 

ولعل طالبا صغيرا في حقل الدراسات اللغوية يفطن إلى أن السامية أرومة من اللغات تتولد  كما توقع لو افترض الاتجاه العام من فقهاء اللغات من جذر واحد ، وان العبرية واحدة من تلك اللغات ومنها الآرامية  والكنعانية والعربية والعبرية ولغات اخرى ضاعت في مجاهل التاريخ ،. 

 

غير أن أهم لغة تمثل السامية وسيرورتها وصيرورتها في نظامها اللغوي هي اللغة العربية لا العبرية ، وان ما تدعيه الحركة الصهيوينة او مناصروها ان هي إلا مزاعم لا أساس لها من البحث والعلم ،. 

 

ولم تكن هذه المغالطة هي الوحيدة ، في وقت تتحالف فيه اطراف من جل خلق واقع مغاير ، بل إننا أمام أكاذيب وأسمار متحالفة وهي من السامية إلى القومية المزيفة ، وهي قومية تكفر بمقدرات أمة وتطبع بيد اخرى ، 

 

وهي القومية التي تحمل لواء العروبة أمام شعوب إسلامية ، متكئة على مغالطة اخرى وهي محاربة الصفوية ، والجدير ان هذه الصفوية المزعومة ، هي وهم لا أساس له في دولة ترفع شعار الانتصار إلى القضية العربية الإسلامية الكبرى ( فلسطين ) وتقف حائط صد منيع أمام الزحف الصهيوني ،.

 

كما أن الشعار الذي يحمله المناوئون للاتجاه الإيراني الإسلامي يحمل مفردات عنصرية نهى عنها الإسلام في نصوص كثيرة في الكتاب الشريف وسنة محمد واهل بيته عليهم السلام 

 

 

وفي وضوح ليس يشوبه لبس يمثل هذا الخطاب خطابا برييئا من الانتماء إلى الامة ومقدراتها ومناوءة بينة لقضاياها الكبرى.