هل السجن السياسي مُفتاح الاستقرار الأمني؟
مرآة البحرين - 2024-12-17 - 3:14 م
"25 عامًا من الاستقرار الأمني بفضل الدعم الملكي والاهتمام الحكومي والإخلاص المهني"، عنوانٌ عريضٌ وارد في صحيفة "الأيام" (بتاريخ 15 كانون الأول/ديسمبر) ضمن أجواء الأعياد الوطنية هذا الشهر. يتشابه العنوان مع "مانشيتات" أخرى في الصحف والصفحات الإخبارية المحلية، وخُلاصتها التطبيل لإنجازات أمنية.
ولأنّ الحُكم في البحرين يسكن في كوكب الانفصال عن الواقع، لا بدّ من عودةٍ الى السنوات العجاف الـ13 من عُمر الأزمة السياسية والأمنية التي ستُصبح قريبًا 14.
عرّاب المشروع الأمني في المملكة وزير الداخلية راشد بن عبد الله يتغنّى على الدوام بقبضته البوليسية، ويجول بين المؤتمرات والدول لتثبيت هذه الفكرة، مُروّجًا لإنجازاتٍ ساحقة في البحرين، ويُصوّر الأمر وكأنّ عناصر الشرطة يواجهون وحوشًا أو سفّاحين مُنتشرين في الشوارع.
الاستقرار الأمني الذي يحتفل به الحُكم تراه فئةٌ غير قليلة من الشعب جحيمًا. التوقيفات العشوائية والمُلاحقات الدائمة والرصد المستمرّ لناشطين يُعبّرون عن آرائهم، ويُفصحون عن مُعارضتهم للدولة واستفرادها بالقرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كلّ هذا لا يمكن إدراجه تحت عنوان الاستقرار الأمني، بل بالتأكيد تحت عنوان الحظر التامّ.
ثمّة سؤال بديهي يُطرح عند قراءة ما يصدر دائمًا عن وزير الداخلية ومن لفّ لفيفه: من هو غريم قوات الأمن؟ هل هم مجرمون جنائيون فعلًا أم مُعارضون سلميون؟ الحديث المكثّف من قبل السلطة ووزارة الداخلية تحديدًا عن مساعيها لإحباط الجرائم الالكترونية والاقتصادية وحماية المكتسبات الوطنية وتمتين الحماية المدنية، يوحي بأن البحرين تتربّع على عرش الدول المستهدفة أمنيًا وبأنها محور الكون، وربّما تتفوّق على الولايات المتحدة في الكمّ الهائل من الحوادث والجرائم.
ولأنّ الحديث في الأمن، هل الاستقرار الأمني اليوم يمرّ ببوابة سجن جو حيث المعتقلون يتلقّون التضييق تلوَ التضييق، والتنكيل تلوَ التنكيل؟ هل الإنجاز يتحقّق باستعراض اختراع العقوبات البديلة؟ هل السجن السياسي يُحقّق الاستقرارالمنشود؟
الأعياد الوطنية حلّت وملفّ الاعتقال السياسي مفتوحٌ إلى ما لا نهاية. وحتى ينعم أبناء المملكة بالاستقرار والأمان لابدّ من رؤية وطنية تضمن تطبيق المادة 23 من الدستور، بحيث لا خوف على من يعبّر عن رأيه من دون أن يخشى وصول دورية شرطة إلى حيث يكون، ليُساق إلى مركز توقيف، ثمّ يُنقل إلى قاعة محكمة، ثمّ إلى زنزانة يُلازمها لأشهر أو سنوات.
سجن جو مازال مُكتظًا بالمعتقلين. لا بارقة أمل تلوح في الأفق، وأداء وزير الداخلية لم يكن طيلة هذه السنوات إلّا مدعاة قلق وتهديد لمواطنين ظنوّا أن المملكة ورغم صغر مساحتها قد تتّسع لآرائهم ومواقفهم السياسية. الاستقرار الأمني ليس شعارًا سنويًا للأعياد أو الندوات، بل مطلب داخلي ووطني يودّ الشعب نيله عاجلًا لا آجلًا.