أمين الوطن وعُقدة الحاكم
لطيفة الحسيني - 2024-12-24 - 2:00 ص
كنخلةٍ شامخةٍ تحدّها السماء، يرتفع اسم الشيخ علي سلمان. قبل 14 عامًا، تعرّفتُ الى مسيرته النضالية. مع الأيام، أحببتُها وبتُّ أبحث فيها. 7 بلدان تُبعِد لبنان عن البحرين، القواسم عربية وقومية وإسلامية، لكن الشيخ يُقرّبها أكثر. ملامحه الإيمانية وعزمه البادي في عينيْه يدفع الى الشعور بالراحة لما ينطِق ويطالب ويدعو.
لا إرهاب يؤثّر في صموده. كأستاذٍ حليمٍ يُعلّم مُتلقّيه دروس الصبر والكفاح مهما بلغت التهديدات. لا محاولات الاستهداف توقفه ولا الغربة تخفّف من اندفاعه. ينْشد النصر حتى لو الفداء نفسه، لأنّ قضيته عادلة ووطنية. الكلمة العليا للحقّ والمساواة والسلمية، هذا هو المبدأ.
داعيةُ قسْطٍ لا شبيهَ له. تحقّ له الحرية وليس لسواه حجزها. له وِسع العقول ومجرّةٌ من المُخلصين.
هذا ليس تمجيدًا. لا يحتاجه الشيخ علي ولا يتوسّله من أحد. الاطّلاع على سيرة عمله السياسي من التسعينات الى اليوم الأول له في السجن وما بعده، يقود إلى استنتاج عنوانه "من يعارض ويختلف تحت سقف الوطن مصيره زنزانة". قاعدة عمل الدولة والملك والحكومة والحاشية برمّتها هي هكذا. عقلية أمنية إقصائية مقابل عقل يُغرّد خارج سرب أنظمة وحكام الخليج الشموليين.
الحديث طويل عن أسباب تعنّت الحُكم تجاه الأزمة المُتفجّرة منذ عام 2011، والطلاق الذي وقع بين الدولة والجمعيات السياسية المعارضة، لكن يمكن تلمّس أسباب حقد النظام على اسم علي سلمان الى الآن. العديد منها جليّ ويُختصر بالتالي:
• عقدة الشعبية: سماحته يحظى يتأييد ساحق من البحرينيين رغم النفي والاعتقال، برهنته انتخابات 2006 ثمّ 2010، والتجاوب مع دعوته الناس تصفير الصناديق عام 2014، وصولًا الى المقاطعة التامّة عام 2018.
• فشل تغييب الشيخ علي من الخارطة السياسية الداخلية: يحضر الشيخ علي سلمان من زنزانته في سجن جو المركزي من خلال موقفه السياسي المستمر، فلا هو حاد عن مواقفه المبدئية السابقة، ولا التيار العريض الذي يقوده قام بذلك، ولذلك فشلت مساعي تغييبه عن المشهد السياسي، واستمرار سجنه واحد من أدلة استمرار هذا الفشل، والأزمة نفسها أجلى وأدلّ.
يودّ الملك لو ينسلخ الشيخ علي عن مبادئه الإنسانية قبل السياسية، ليُهادِنه ويجعل منه ربًّا لا شريك له في البلد. تمنيات أشبه بالمستحيل في عزّ نهار حاكم البحرين، الذي انقلب على تفاهماتٍ عهِد بها يومَ زار السيد علوي الغريفي في منزله، حيث وعد بحماية الدستور والتشريع المُطلق والالتزام بميثاق العمل الوطني.
حلُّ العُقدة سهل. العلاجُ من أمراض السيطرة والظهور وغصْب الناس على حبّ الحاكم ليس صعبًا. التصفيق الحارّ ورفرفة أعلام البلد لا يُجدي ولا يُعبّر عن مُبايعة الشعب المُطلقة للسلطة، بل صوْن حقوقه الطبيعية ورعايته بعدلٍ وبلا مهانة مفتاح شراء رضا الناس عن الدولة والسلطة، والشيخ علي صوتُ المُنادين بذلك.